رفض مجلس الشيوخ الإيطالي التصويت لصالح مشروع قانون يسمح بمنح الجنسية للأطفال المهاجرين. وجاء هذا الرفض، وفق العديد من القراءات، كنتيجة مباشرة لتنامي نوع من الخوف من المهاجر لدى الرأي العام المحلي، وفق ما أظهرته إحدى استطلاعات الرأي، حتى لا يستغل اليمين المتطرف هذه الورقة انتخابيا في المحطة السياسية المقبلة.
كانت إيطاليا أول متضرر من أزمة تدفق المهاجرين بأعداد كبيرة قادمين إليها من ليبيا، ولم تنجح السياسات الأوروبية في التوصل إلى حل مشترك، يتيح لهذا البلد تقاسم أعباء الأزمة مع بقية البلدان الأوروبية، لرفض عدد منها هذا المبدأ من الأساس.
وأصدرت محكمة العدل الأوروبية قبل أيام حكما يقضي بإجبار كل من هنغاريا وسلوفاكيا على تقاسم أعباء أزمة المهاجرين، وفق ماحدده في وقت سابق الاتحاد الأوروبي. ويتزامن الحكم مع انقضاء المهلة التي منحه اللدولتين لتحمل مسؤوليتها في هذا الملف.
وتضم مراكز الاستقبال في إيطاليا حوالي 80ألف مهاجر دون احتساب الآلاف من المهاجرين الذين يعيشون في الشوارع بعدد من المدن،سواء لعدم توفر أماكن شاغرة في مراكز الاستقبال، أو لتفضيلهم هذه الوضعية في انتظار أن تتوفر لهم فرصة المرور لدول أوروبية مجاورة.
"قلق من المهاجرين"
ورغم مرور سنوات على أزمة المهاجرين، إلا أن الشعب الإيطالي ظل في عمومه متفهما للإجراءات الحكومية التي أقدمت عليها روما في محاولة منها لاحتوائها. لكن هذا المعطى تغير بشكل جذري في الوقت الراهن حسبماأظهره استطلاع للرأي.
ويفيد الاستطلاع، الذي أجراه معهد إيبسوس،أن أكثر من 65 بالمئة من الإيطاليين يرون أن المهاجرين يوجدون في بلادهم بأعداد كبيرة،فيما كشف المرصد الأوروبي للأمن في استطلاع مشابه أن الإيطاليين صاروا أكثر قلقامن المهاجرين منذ عشر سنوات.
والإحساس بالخوف من المهاجر يبدو أنه انتشربشكل كبير ، حيث أن إيطاليا واحدا من أصل اثنين، يطالب اليوم بإغلاق الحدود بسبب أزمة المهاجرين، وما ينجم عنها من مشاكل تورط فيها مهاجرون،وأعطتها وسائل الإعلام المحلية حجما أكبر، والتي تربط عن قصد أو عن غير قصد الهجرةبالانحراف.
وضع لم يشجع على التصويت لصالح مشروع القانون
وأكبر مستفيد من هكذا وضع هو اليمين المتطرف، الذي يحاول كما في عدة بلدان أوروبية استغلال أزمة المهاجرين لأهداف انتخابوية.ويعتمد على هذه الورقة في الظرف الحالي لاستمالة الناخبين، وتحفيزهم على التصويت لصالحه على بعد أشهر قليلة من الانتخابات.
ويلقى خطاب اليمين المتطرف صداه في أوساطفئات واسعة من الإيطاليين، بسبب انتشار البطالة والظروف الاقتصادية الصعبة التيتعيشها البلاد، وإن كانت كل المؤشرات الحالية تفيد أن اقتصاد البلاد مقبل علىالتحسن في السنوات المقبلة.
وهذا الوضع السياسي المشحون، لم يشجع اليوم مجلس الشيوخ الإيطالي على التصويت لصالح مشروع قانون يسمح للأطفال المهاجرين بالحصول على الجنسية الإيطالية، ولربما كان محاولة من الناخبين الكبار لقطع الطريق على اليمين المتطرف في المحطة السياسية المقبلة.
ويحصل هذا رغم انخفاض عدد المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا انطلاقا من ليبيا في الشهرين الأخيرين مقارنة مع نفس الفترةمن السنة الماضية، إذ انخفض عددهم هذا العام بنسبة 13 بالمئة مقارنة مع المدةنفسها من العام المنصرم.