انتقل النقاش حول عودة الخدمة العسكرية الإجبارية من صفوف المغاربة المقيمين داخل البلاد إلى أبناء الجالية المقيمة في الخارج، حيث أصبح السؤال حول إمكانية شمولها لهم مطروحاً بحدة، خصوصاً مزدوجي الجنسية؛ وهي النقطة التي لم يفصل فيها القانون الذي أقرته الحكومة منذ أيام بتعليمات من الملك محمد السادس.
وكتبت أكثر من صحيفة بلجيكية حول هذا الموضوع، وكان السؤال: «هل سيكون لزاماً على المغاربة الحاصلين على الجنسية البلجيكية أن يؤدوا الخدمة الإجبارية في المغرب؟»، حيث أشارت صحيفة «ليكو» البلجيكية "أن الخدمة الإجبارية لا تزال، إلى حد الساعة، مشروع قانون".
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من التدابير الخاصة بعودة الخدمة الإجبارية بالمغرب ليست واضحة تماماً، فإن الشباب البلجيكي من أصل مغربي معنيون بالأمر، مشيرةً إلى أن «مشروع القانون لا يتحدث عن مزدوجي الجنسية أو المزدادين في الخارج على اعتبار أن الأطفال المغاربة هم مغاربة".
وذهبت الصحيفة البلجيكية إلى القول أنه يمكن «إعفاء هذه الفئة من المغاربة في المستقبل إذا ما تم تحيين مشروع القانون وإضافة توضيحات قانونية تبين مجال تطبيقه بشكل واضح".
وقبل تطبيق الخدمة الإجبارية، يجب أن يمر القانون عبر البرلمان بغرفتيه الأولى والثانية ونشره في الجريدة الرسمية ثم انتظار مراسيمه التطبيقية التي ستوضح بالتفصيل ما لم يتضمن القانون بشكل عام، خصوصاً المعنيين بالأمر والتعويضات التي سيتلقونها وعدد المعنيين سنوياً.
وكان المغرب يعتمد في السابق الخدمة الإجبارية، حيث طبقت على الرجال ما بين 20 و35 سنة وكانت مفتوحة بشكل اختياري للفتيات ما بين 20 و27 سنة؛ لكن جرى حذفها سنة 2007، ليعاد العمل بها اليوم بالنسبة إلى الجنسين معاً ما بين 19 و25 سنة.
من جانب، أورد موقع مؤسسة الإذاعة الهولندية تصريحات لمغاربة حاصلين على الجنسية الهولندية؛ من بينهم مريم البالغة من العمر 23 سنة، التي اعتبرت أن التجنيد الإجباري يمكن أن يوفر فرصة للشباب في المغرب، خصوصاً أن كثيراً منهم لا يتوفرون على عمل؛ لكنها رفضت أن يكون ذلك إجبارياً بالنسبة إلى المغاربة الذين يعيشون في هولندا.
ويورد موقع الإذاعة أن مريم وُلدت وترعرت في هولندا وتحمل الجنسية الهولندية والمغربية وتزور بلدها الأم باستمرار؛ لكنها تعبر صراحةً عن أن التجنيد الإجباري لا يجب أن يشمل المغاربة الذين يعيشون في هولندا، لكنها تضيف: «قد يكون مفيداً للذين لا يحصلون على فرص هنا في هولندا".
الموقف نفسه يعبر عنه ناصر، البالغ من العمر 23 سنة، حيث يقول في تصريح لموقع الإذاعة الهولندية: «لا أريد الانضمام إلى الجيش المغربي، أنا في حال جيد هنا في هولندا، وأنا فخور وسعيد بأنني مغربي هولندي؛ لكن إذا اضطررت للمغادرة بسبب التجنيد الإجباري لمدة عام فإن ذلك لن يكون جيداً لمسيرتي هنا".
جدير بالذكر أن أكثر جالية للمغرب، والتي تقدر بحوالي 5 ملايين مغربي، توجد في بلدان الاتحاد الأوروبي، ونسبة كبيرة منها من فئة الشباب المعنيين بالفئة العمرية التي سيطبق عليها قانون التجنيد الإجباري؛ وهو ما يعني أنه من الناحية العملية سيشملهم القانون، لأن الجنسية المغربية لا تسقط.
ولم يقتصر الرفض على الجالية المغربية، فقد عبّر عدد من الشباب المغربي في المملكة عن رفضه لمنطق الإجبار، ولجأ عدد منهم إلى خوض حملة افتراضية لرفض القانون، داعين في الوقت نفسه إلى "توفير تعليم جيدة وصحة جيدة في المستوى"، كما انتقدوا استثناء القانون "المجرمين" على حد تعبيرهم.
وباستثناء المعلومات العامة التي نشرت حول القانون الخاص بالخدمة العسكرية، ضرب جدار من الصمت حول مضامينه التفصيلية، حيث لم ينشر موقع الأمانة العامة للحكومة، كما جار به العمل، نسخة منه تسمح بالاطلاع عليه، كما لم تورد الحكومة تفاصيل أولى حوله في تواصلها الرسمي حول الموضوع.
ومن شأنه افتتاح البرلمان شهر أكتوبر المقبل أن يكشف الستار عن هذا مضامين القانون الذي خلق نقاشاً عمومياً حول عودة الخدمة الإجبارية بالمغرب ودواعيها الحقيقية، خصوصاً أنه يشمل الذكور والإناث إجبارياً ويفرض عقوبات على الرافضين في حالة استدعائهم.