نفسية محطمة، حزن، انتظار ودموع، مشهد لازال يخيم على منزل عائلة الطبيب العسكري الراحل مولاي مبارك عزيزي، ابن زاوية ايت مولاي بوعزة، بمركز الجماعة الترابية تازارين، بإقليم زاكورة، الذي قتل في هجوم نفذته عناصر إرهابية مسيحية تابعة لمنظمة "انتي بلاكا"، بجمهورية إفريقيا الوسطى، مطلع الأسبوع الماضي، أثناء قيامه بواجبه الإنساني إلى جانب البعثة الأممية لحفظ السلام.
ويبدو أن عائلة الراحل لم تستفق بعد من صدمة الفراق، التي نزلت عليها كالصاعقة. كما لازال جميع الأقارب والجيران، ممن كانوا بمنزل الراحل أثناء متأثرين برحيل رجل كان يعرف في أوساطهم بالطبيب النصوح، والإنسان الذي يحب للجميع ما يحبه لنفسه.
ورغم نبأ الفاجعة الذي ألم بأسرة الفقيد، التي لم تصدق يوما أنها ستعيش من دونه، إلا أن كافة أرجاء بيت المرحوم وأركانه كانت تتحدث عن مسيرته وحضوره ونضاله المشرف، خصوصا كيف كان يؤازر رفقاءه في العمل، ويقوي عزيمتهم في التغلب على مصاعب الحياة.
رغم الفراق المفاجئ لها ولأبنائها، قالت أرملة الراحل، لغمام الزهرة، إن العائلة تفتخر بأن ابنها قدم نفسه شهيدا من أجل الإنسانية، مشددة على أن الراحل قتل ليس لأنه حامل سلاح، بل لأنه كان يقوم بمهمة إنسانية تتجلى في تقديم العلاج للمواطنين الأبرياء بإفريقيا الوسطى، ولأنه كان يؤمن بأن من حق الجميع أن يعيش حياة الاستقرار.
وأضافت المتحدثة ذاتها، في تصريح، وعيناها مغرورقتان بالدموع، أن الراحل كان بالنسبة لها بمثابة الزوج والأخ والأب، وكان دائما قريبا من أبنائه، مسترسلة بأنه كان يؤمن بالشهادة من أجل حماية الإنسانية والوطن والملك، وكانت لا تخيفه أكثر مما تقوي عزيمته من أجل الاستمرار في رسم معالم الطريق بقناعة.
الراحل ترك أسرة من خمسة أفراد، وقالت والدته إنه توفي حماية للضعفاء بأدغال إفريقيا، موضحة أن ابنها طالما لبى نداء الواجب الوطني باشتغاله في العديد من المناطق بالمغرب، بما فيها الأقاليم الجنوبية التي قالت إنها كانت وسام فخر بالنسبة له، وناشدت الملك محمد السادس الاهتمام بقضية الراحل، والاعتناء بأبنائه ووالدتهما، مشددة على أن القتلة يجب أن ينالوا جزاءهم.
بدوره، قال مولاي ابراهيم عزيزي، شقيق الراحل، إن العائلة فقدت ابنها الذي طالما اعتبرته طبيبها، مشددا على أن خبر وفاته نزل عليها "كقنبلة فجرت قلوب الصغار والكبار"، مطالبا الملك، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، بفتح تحقيق نزيه وشفاف لمعرفة الجهة التي تسببت في وفاة شقيقه مولاي مبارك، وإعطاء تعليماته للعناية بأبناء الشهيد ووالدتهم المكلومة.
مسيرة الراحل كانت تجوب مخيلة رفقاء دربه، خصوصا أهله وأقاربه الذين عايشوه عن قرب، وعرفوا عنه الكثير، وكانوا يستمدون منه قوة الشخصية والعزيمة والإرادة؛ وكذا القدرة الكبيرة على التواصل مع الجميع، حسب تأكيد بعض الحاضرين.
ولازالت عائلة الراحل تنتظر وصول جثمانه، الذي سيوارى الثرى بمسقط رأسه بالجماعة الترابية تزارين، في إقليم زاكورة، بينما أبناء المنطقة، وأيضا السلطات المنتخبة والإدارية، يقدمون كل الدعم للعائلة، ويستعدون لاستقبال الجثمان.