بنعتيق: الإعلام الغربي والتيارات المحافظة وراء تهويل ظاهرة الهجرة
قال عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، إنّ الإعلام الغربي يخلط بين ظاهرة الهجرة وبين انتشار الإرهاب؛ وهو ما يجعل هذا الخطاب يؤثر على قرارات صنّاع القرار في البلدان الغربية، وتستغلّه التيارات السياسية المحافظة للتهويل من ظاهرة الهجرة.
ودعا بنعتيق، في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال ورشة عمل دولية حول دور الشباب في مواجهة تحديات الهجرة، تنظمها منظمة "إيسيسكو" والمنظمة الدولية للهجرة ومنتدى شباب المؤتمر الإسلامي للتعاون، إلى التمييز بين الهجرة الاضطرارية والاختيارية، من جهة، وبين الإرهاب، من جهة أخرى، وعدم الخلط بينهما.
وقال المسؤول الحكومي إن هذا "الخلط المقصود" والنابع من غياب أجوبة حقيقية لمجموعة من التحديات المطروحة على الصعيد العالمي، يُفرز خطابا مغلوطا تتبناه التيارات السياسية اليمنية في البلدان الغربية، وتستعمله كوسيلة لكسب تعاطف الناخبين، مضيفا: "في ظل التحولات التي يشهدها العام يتم استغلال الهجرة استغلالا سياسيا محضا".
واعتبر الوزير المغربي أنّ ظاهرة الهجرة، التي تفاقمت في السنوات الأخيرة، تُعدّ إحدى الإشكالات المعقدة التي تتطلب اجتهادات مشتركة وجماعية من لدن صناع القرار ومختلف الفاعلين كونيّا، خاصة في ظل الهشاشة التي تمس كثيرا من بلدان العالم؛ وهو ما يجعل الهجرة غير منظمة.
وانتقد بنعتيق ما سمّاه "التلاعب بأرقام منظمة الهجرة الدولية، لتسويق خطاب مفاده أن الدول الغربية أكثر تضررا من ظاهرة الهجرة"، قائلا "في العالم هناك اليوم 256 مليون مهاجر، من بينهم 32 مليون مهاجر من إفريقيا، لكنّ 16 مليونا منهم يوجدون في القارة الإفريقية وليسوا في بلدان أخرى، وهذا معناه أن الإمكانات موجودة في قارة إفريقيا، وهناك تلاعب بأرقام المنظمة الدولية للهجرة".
واعتبر المتحدث ذاته أن العالم بحاجة إلى الهجرة باعتبارها قيمة مضافة، "ومن يخاف منها إنما يتهرب من التفاعل مع الأزمات والبحث عن أجوبة للإشكالات المطروحة"، مُبرزا أن المغرب قدم ترشيحه لاحتضان المنتدى الأممي للهجرة، "لإقناع الجميع بأن التخويف من الهجرة غير صحيح، وأن الدفاع عن الهجرة المنظمة هو الجواب عن كل التحديات التي تطرحها هذه الظاهرة".
في هذا الإطار، قال بنعتيق إن المغرب لم يعد بلد عبور؛ بل بلد استقرار لعدد من المهاجرين، لأسباب متعددة، وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية الصعبة التي تجتازها عدد من الدول الأوروبية التي أدت إلى انكماش اقتصاداتها، من جهة، ومن جهة ثانية التطور الذي يعرفه المغرب وفتح أوراش جعلت المهاجرين يفضلون الاستقرار به.
وكان المغرب قد وضع سياسة جديدة للهجرة سنة 2013، وقام بتسوية الوضعية القانونية لآلاف المهاجرين المقيمين على أرضه. واعتبر بنعتيق أن المغرب ربح بهذه السياسة الجديدة، التي قامت على التقرير التركيبي الذي أعده المجلس الوطني لحقوق الإنسان، رهان جعل موضوع الهجرة في منأى عن الخلاف بين المجتمع المغربي، كما هو الحال في بلدان أخرى، حيث يستغلها اليمين المحافظ لتحقيق أهداف سياسية.
وبلغ عدد المهاجرين الذين استفادوا من تسوية وضعيتهم القانونية في المغرب، خلال المرحلة الأولى التي انطلقت سنة 2013، حوالي 23 ألف مهاجر ومهاجرة، حصلوا على بطائق إقامة مكنتهم من الاستفادة من عدد من الحقوق، كالتطبيب وإدماج أبنائهم في المدارس العمومية.. وغيرها، في حين بلغ عدد الملفات المهاجرين التي توصلت بها السلطات خلال المرحلة الثانية 26 ألف طلب في مختلف جهات المملكة.
واعتبر بنعتيق أن هذه المعطيات الرقمية تبيّن أن هناك "إرادة سياسية للتعامل مع قضية الهجرة"، مبرزا أن تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين هي مرحلة أولى فقط، ولا بد من مواكبتها بتأهيل المجتمع المغربي ليكون فاعلا ومتفاعلا مع مخططات الدولة في هذا المجال، تفاديا لفشل عملية إدماج المهاجرين، كما حصل في بلدان أخرى، بسبب عدم تأهيل مجتمعاتها للتعامل مع ظاهرة الهجرة بشكل إيجابي.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن عدد الأطفال أبناء المهاجرين المقيمين في المغرب، الذين جرى إدماجهم في التعليم العمومي، يقدر بحوالي تسعة آلاف طفل، استطاع الفوج الأول منهم بلوغ مرحلة التعليم الإعدادي، بفضل التعاون المشترك بين الحكومة وبين الجمعيات العاملة في هذا المجال، والبالغ عددها 160 جمعية، مضيفا "نجاح إدماج الأطفال المهاجرين في المدرسة يعني نجاح نظام الهجرة، والعكس صحيح".