تسعى اليونان إلى جعل تطبيق أحكام الشريعة “اختياريا” بالنسبة للأقلية المسلمة التي تعيش في منطقة تراقيا شمال شرق البلاد، وذلك بعد تنديد في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بهذه القوانين.
إذ يرى بعض خبراء القانون أن أحكام الشريعة المعمول بها حاليا في تراقيا تنطوي على عدم مساواة بين الجنسين وظلم للمرأة في مجالات الطلاق وحضانة الأطفال والإرث.
وتجري في الوقت الحالي مشاورات تحضيرية على مستويات وزارية للقيام بهذا التعديل التشريعي الذي أعلن عنه رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس الأسبوع الماضي أثناء زيارته لمنطقة تراقيا.
من هم مسلمو اليونان؟
يبلغ تعداد المسلمين في منطقة تراقيا اليونانية نحو 110 آلاف شخص، وهم إما من أصول تركية أو من غجر الروما أو البوماك البلغاريين، ويسري عليهم “نظام قانوني استثنائي” يقضي بتطبيق حكام الشريعة المتعلقة بتنظيم الزواج والطلاق والإرث.
ومن شأن الإصلاح التشريعي الجديد أن يتيح لمسلمي هذه المنطقة الاختيار إن كانوا يرغبون تطبيق أحكام الشريعة أو العمل وفق القانون المدني اليوناني في شؤونهم الأسرية.
إذ يخضع أفراد هذه الأقلية إلى “نظام قانوني” أُرسيّ عقب التوصل إلى معاهدة لوزان عام 1923، والتي رسمت على أساسها الحدود بين اليونان والجمهورية التركية الناشئة على أنقاض الإمبراطورية العثمانية.
ويقوم ثلاثة مفتين تعيِّنُهم الدولة اليونانية على إدارة شؤون الأسرة في هذه المنطقة الريفية الفقيرة.
أرملة ترفض تطبيق أحكام المفتي
وكانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد تطرقت أول مرة للنظام القانوني الذي يخضع له مسلمو اليونان إثر شكوى تقدمت بها الأرملة الحاجة مولا سالي (67 عاما).
إذ لجأت سالي إلى المحكمة الأوروبية بعد أن خسرت أكثر من ثلاثة أرباع الميراث الذي تركه زوجها لها بموجب وصية، بعد ادعاء شقيقتي زوجها ضدها لتطبيق أحكام الإفتاء عليها.
وقضت المحكمة العليا في اليونان إحالة الأرملة في 2015 إلى قوانين المفتي، بدل الرجوع إلى القوانين المدنية المطبقة في اليونان.
وهو مادفعها إلى تقديم شكوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
نظام قانوني لايشرف اليونان
ويهدف التعديل الجديد إلى أن يصبح الاحتكام إلى المفتي مرهونا بموافقة كافة الأطراف المعنية بالقضية، بحسب مانقلت الوكالة الفرنسية للأنباء عن مصدر حكومي يوناني.
وفي هذا الصدد قال رئيس الوزراء اليوناني مخاطبًا ممثلين عن الأقلية المسلمة في تراقيا “إن النظام الحالي لا يشرفنا كبلد عضو في الاتحاد الأوروبي”.
الرابطة اليونانية لحقوق الإنسان أعربت عن سعادتها بهذا الإعلان، معتبرة أن النظام الحالي “ينتهك عدة قواعد دستورية ومعاهدات دولية“، وأن هذا
النظام القانوني الاستثنائي قام على مقاربة “عفا عليها الزمن وتمييزية”.